– 2016 📆 –
أننا نتمتّع نحن البشر بهشاشة لا متناهية ، ففي الثانية و العشرين من عمري تعلمت أنك مراراً و تكراراً ستتمنى أن يتوقف الكون هنا ، و يكفّ الوقت عن الركض للحظات حتى يتسنّى لك فهم كل هذا الجري المتواصل و لكي تفسح مجالاً كافياً في عقلك لتقبّل هذا “الذي يبدو في ظاهره” هراء !
قرأت يوماً لإيلازبيث جيلبرت :
“كان إحساسي بالعجز طاغياً ، أردت لو أمكنني الضغط على فرامل كونيّة .. أردت الدعوة إلى تعليق سير الكون و الطلب من الجميع التوقّف إلى أن أفهم كل شيء” .
في مقتبل عشيرناتي كنت أشمئز من كل اولئك الذين لا يتمسّكون بقوة بما يحبّون .. و اولئك الذين “في نظرتي القاصرة آنذاك” لا يبذلون الجهد اللازم للحفاظ على ما يريدون .. و لكن من السهل لعقلٍ لم يتلوّث بالواقع أن يحمل قناعة كتلك ، حتى يعتلي أفعوانية الحياة “مرغماً” .. و مع أول منعطف سيدعو الله أن يغدق عليه بالشجاعة الكافية لفعل أحد الأمَرَّين : إما القفز خارجها و الانتهاء وحيداً هاهناك بلا روح .. أو التمسك بقوة في مقعدك ريثما تنتهي بك الجولة أيضاً وحيد بلا روح .
فنّ عدم التمسّك بقوة يعتبر فنّاً حيوياً و أساسي للإستمرار للعيش ، مهم جداً رغم الألم .. لكي أكون أكثر دقّه ، في الحقيقة أنت لا تمتلك خياراً آخر أحياناً سواه ، و كل ما تستطيع فعله هو قبول الألم قبل قبول الفعل بحد ذاته .
و قياساً على ذلك ستتقبّل حقيقة كل ماهو “عضال و مؤلم في آن” ، كموت من تحبّ ، كمرض من تحب ، أو حتى مرضك و موتك .. فالإنسان يعيش إحدى حالتين : حالة مابعد فقدان الأشياء الغالية على قلبه ، أو حالة التأهب لفقدانها في أي لحظة بعجز ، لذلك فإن هروبه من موته يصبح أقل جدّيه .. لا أعلم إن كان ذلك يسمّى قبولاً نهائياً أم إنتظاراً مؤبداً للراحة التامّة الّتي لم تُخلق بعد ؟ و لا أعلم هل يمكننا وصف أن مانفعله هنا الآن بـ ( إننا نعيش هذه الحياة ) أم ( إننا ننجو من هذه الحياة ) ؟ هل يمكننا إعتبار موتنا حادثة مؤسفة أم خَلاصاً ؟
لا يمكنك القول بإنّك لن تموت ، بينما يمكنك القول أنك تريد أن تموت ، أو على الأقل بإنه لا بأس بأن تموت !
قال إميل سيوران يوماً “لا أقاوم العالم ، أقاوم قوة أكبر ، أقاوم تعبى من العالم” ..
نعم نحن مُتعبون دائماً ، نركض دائماً لأن كل شيءٍ من حولنا يركض .. نتمسّك بكل شيء بقوة مع علمنا التامّ بأنه و في طرفة عين ستدرك أنك لاتملك هذا الخيار بعد الآن ، و أن يدك أصبحت مرتخية و أن كل هذا سينزلق من يديك كما ينزلق الماء .. ليس قنوطاً و لا سلبيّة ، ليس ضعفاً أو عدم رغبة .. إنما هو قَبول لا تملك إلا أن تتمتّع به و تمضي .